الخميس، 28 مايو 2020

أَمِنَ ازْدِيَاركِ فِي الدُّجَى الرُّقَبَاءُ

أَمِنَ ازْدِيَاركِ فِي الدُّجَى الرُّقَبَاءُ
إِذْ حَيْثُ أَنْتِ مِنَ الظَّلَامِ ضِيَاءُ
قَلَقُ الْمَلِيحَةِ وَهْيِ مِسْكٌ هَتْكُهَا
وَمَسِيرُهَا فِي اللَّيْلِ وَهْيَ ذُكَاءُ
أَسَفِي عَلَى أَسَفِي الَّذِي دَلَّهْتِنِي
عَنْ عِلْمِهِ فَبِهِ عَلَيَّ خَفَاءُ
وَشَكِيَّتِي فَقْدُ السَّقَامِ لِأَنَّهُ
قَدْ كَانَ لَمَّا كَانَ لِي أَعْضَاءُ
مَثَّلْتِ عَيْنَكِ فِي حَشَايَ جِرَاحَةً
فَتَشَابَهَا كِلْتَاهُمَا نَجْلَاءُ
نَفَذَتْ عَلَيَّ السَّابِرِيَّ وَرُبَّمَا
تَنْدَقُّ فِيهِ الصَّعْدَةُ السَّمْرَاءُ
أَنَا صَخْرَةُ الْوَادِي إذِاَ مَا زُوحِمَتْ
وَإِذَا نَطَقْتُ فَإِنَّنِي الْجَوْزَاءُ
وَإِذَا خَفِيتُ عَلَى الْغَبِيِّ فَعَاذِرٌ
أَنْ لَا تَرَانِي مُقْلَةٌ عَمْيَاء
شِيَمُ اللَّيَالِي أَنْ تُشَكِّكَ نَاقَتِي
صَدْرِي بِهَا أَفْضَى أَمِ الْبَيْدَاءُ
فَتَبِيتُ تُسْئِدُ مُسْئِدًا فِي نَيِّهَا
إِسْآدَهَا فِي الْمَهْمَهِ الْإِنضَاء
أَنْسَاعُهَا مَمْغُوطَةٌ وَخِفَافُهَا
مَنْكُوحَةٌ وَطَرِيقُهَا عَذْرَاءُ
يَتَلَوَّنُ الْخِرِّيتُ مِنْ خَوْفِ التَّوَى
فِيهَا كَمَا يَتَلَوَّنُ الْحِرْبَاءُ
بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي عَلِيٍّ مِثْلُهُ
شُمُّ الْجِبَالِ وَمِثْلُهُنَّ رَجَاءُ
وَعِقَابُ لُبْنَانٍ وَكَيْفَ بِقَطْعِهَا
وَهْوَ الشِّتَاءُ وَصَيْفُهُنَّ شِتَاءُ
لَبَسَ الثُّلُوجُ بِهَا عَلَيَّ مَسَالِكِي
فَكَأَنَّهَا بِبَيَاضِهَا سَوْدَاءُ
وَكَذَا الْكَرِيمُ إِذَا أَقَامَ بِبَلْدَةٍ
سَالَ النُّضَارُ بِهَا وَقَامَ الْمَاءُ
جَمَدَ الْقِطَارُ وَلَوْ رَأَتْهُ كَمَا تَرَى
بُهِتَتْ فَلَمْ تَتَبَجَّسِ الْأَنْوَاءُ
فِي خَطِّهِ مِنْ كُلِّ قَلْبٍ شَهْوَةٌ
حَتَّى كَأَنَّ مِدَادَهُ الْأَهْوَاءُ
وَلِكُلِّ عَيْنٍ قُرَّةٌ فِي قُرْبِه
حَتَّى كَأَنَّ مَغِيبَهُ الْأَقْذَاءُ
مَنْ يَهْتَدِي فِي الْفِعْلِ مَا لَا تَهْتَدِي
فِي الْقَوْلِ حَتَّى يَفْعَلَ الشُّعَرَاءُ
فِي كُلِّ يَوْمٍ لِلْقَوَافِي جَوْلَةٌ
فِي قَلْبِهِ وَلِأُذْنِهِ إِصْغَاءُ
وَإِغَارَةٌ فِيمَا احْتَوَاهُ كَأَنَّمَا
فِي كُلِّ بَيْتٍ فَيْلَقٌ شَهْبَاءُ
مَنْ يَظْلِمِ اللُّؤَمَاءَ فِي تَكْلِيفِهِمْ
أَنْ يُصْبِحُوا وَهُمُ لَهُ أَكْفَاءُ
وَنَذِيمُهُمْ وَبِهِمْ عَرَفْنَا فَضْلَهُ
وَبِضِدِّهَا تَتَبَيَّنُ الْأَشْيَاءُ
مَنْ نَفْعُهُ فِي أَنْ يُهَاجَ وَضَرُّهُ
فِي تَرْكِهِ لَوْ تَفْطَنُ الْأَعْدَاءُ
فَالسَّلْمُ يَكْسِرُ مِنْ جَنَاحَيْ مَالِهِ
بِنَوَالِهِ مَا تَجْبُرُ الْهَيْجَاءُ
يُعْطِي فَتُعْطَى مِنْ لُهَى يَدِهِ اللُّهَى
وَتُرَى بِرُؤْيَةِ رَأْيِهِ الآرَاءُ
مُتَفَرِّقُ الطَّعْمَيْنِ مُجْتَمِعُ الْقُوَى
فَكَأَنَّهُ السَّرَّاءُ وَالضَّرَّاءُ
وَكَأَنَّهُ مَا لَا تَشَاءُ عدَاتُهُ
مُتَمَثِّلًا لِوُفُودِهِ مَا شَاءُوا
يَا أَيُّهَا الْمُجْدَى عَلَيْهِ رُوحُهُ
إِذْ لَيْسَ يَأْتِيهِ لَهَا اسْتِجْدَاءُ
احْمَدْ عُفَاتَكَ لَا فُجِعْتَ بِفَقْدِهِمْ
فَلَتَرْكُ مَا لَمْ يَأْخُذُوا إِعْطَاءُ
لَا تَكْثُرُ الْأَمْوَاتُ كَثْرَةَ قِلَّةٍ
إِلَّا إِذَا شَقِيَتْ بِكَ الْأَحْيَاءُ
وَالْقَلْبُ لَا يَنْشَقُّ عَمَّا تَحْتَهُ
حَتَّى تَحُلَّ بِهِ لَكَ الشَّحْنَاءُ
لَمْ تُسْمَ يَا هَارُونُ إِلَّا بَعْدَمَا اقـْ
ـتَرَعَتْ وَنَازَعَتِ اسْمَكَ الْأَسْمَاءُ
فَغَدَوْتَ وَاسْمُكَ فِيكَ غَيْرُ مُشَارَكٍ
وَالنَّاسُ فِيمَا فِي يَدَيْكَ سَوَاءُ
لَعَمَمْتَ حَتَّى الْمُدْنُ مِنْكَ مِلَاءُ
وَلَفُتَّ حَتَّى ذَا الثَّنَاءُ لَفَاءُ
وَلَجُدْتَ حَتَّى كِدْتَ تَبْخَلُ حَائِلًا
لِلْمُنْتَهَى وَمِنَ السُّرُورِ بُكَاءُ
أَبَدَأْتَ شَيْئًا مِنْكَ يُعْرَفُ بَدْؤُهُ
وَأَعَدْتَ حَتَّى أُنْكِرَ الْإِبْدَاءُ
فَالْفَخْرُ عَنْ تَقْصِيرِهِ بِكَ نَاكِبٌ
وَالْمَجْدُ مِنْ أَنْ تُسْتَزَادُ بَرَاءُ
فَإِذَا سُئِلْتَ فَلَا لِأَنَّكَ مُحْوَجٌ
وَإِذَا كُتِمْتَ وَشَتْ بِكَ الْآلَاءُ
وَإِذَا مُدِحْتَ فَلَا لِتَكْسِبَ رِفْعَةً
لِلشَّاكِرِينَ عَلَى الْإِلَهِ ثَنَاءُ
وَإِذَا مُطِرْتَ فَلَا لِأَنَّكَ مُجْدِبٌ
يُسْقَى الْخَصِيبُ وَتُمْطَرُ الدَّأْمَاءُ
لَمْ تَحْكِ نَائِلَكَ السَّحَابُ وَإِنَّمَا
حُمَّتْ بِهِ فَصَبِيبُهَا الرُّحَضَاءُ
لَمْ تَلْقَ هَذَا الْوَجْهَ شَمْسُ نَهَارِنَا
إِلَّا بِوَجْهٍ لَيْسَ فِيهِ حَيَاءُ
فَبِأَيِّمَا قَدَمٍ سَعَيْتَ إِلَى الْعُلَا
أُدُمُ الْهِلَالِ لِأَخْمَصَيْكَ حِذَاءُ
وَلَكَ الزَّمَانُ مِنَ الزَّمَانِ وِقَايَةٌ
وَلَكَ الْحِمَامُ مِنَ الْحِمَامِ فِدَاءُ
لَوْ لَمْ تَكُنْ مِنْ ذَا الْوَرَى اللَّذْ مِنْكَ هُو
عَقِمَتْ بِمَوْلِدِ نَسْلِهَا حَوَّاءُ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق